أتعلمين؟
أتعلمين أنّني ما عدت أحتمل النّظر إلى صور أطفال سوريا: القتلى منهم و الجرحى و الغارقين. أتعلمين أنّه صار في قلبي جرح غائر، لا يكاد يلتئم حتّى يعود لينزف من جديد مع كلّ مصيبة في هذا العالم المقرف الحزين، اختُصّ بها معشر المسلمين. أتعلمين أنّ في صدري بركان غضب يريد أن ينفجر فيحرق كلّ المجرمين و الخائنين.
ثمّ ماذا؟
هاهي تلك الفتاة تشتكي من كيد الكائدين، و شرّ الحاسدين، و نقد المتشدّدين، و تعليقات الحشريّين. أتعلمين أنّني سئمت النّقاشات الإلكترونيّة و تحاليل المتفلسفين. سئمت خطابات الكراهيّة و صور التّافهين. ما عدت أبالي لتلك الّتي ترفع حاجبها و تضمّ شفتيها و تتوسّل للمعجبين. أحجبهم عن ناظري و أمضي مع المُتغافلين.
أَأُخبرك بشيء آخر؟
في أحد الأيّام كتبت داخل مجموعة نسائيّة مغلقة، أبحث عن نصائح مهنيّة، فاستقبلت تعاليق متباينة، منها المشجّعة و منها ما خطَّتْه أيادي قضاةٍ و محامين. و مُذْ علمت أن لا أحد يمكن أن يفهمك مثلما تفهمين نفسك، استغنيتُ عن نصح العباد و وجّهتُ وجهي لربّ العباد. تركت اللّوم و العتاب و تركت معارفي و اكتفيت بأقرب المقرّبين. لا تسأليني من هم، فما عدت قادرة على حصرهم رغم قلّتهم، أتصدّقين؟
و في الغربة تعلّمت الكثير، ليتك تدرين !
فهمت أنّ هنا كَعِندنا، يوجد الكثير من الجاهلين. جهل و ازدراء للدّين، و تكبّر و علوّ دون دليل أو يقين. منظّمون، متطوّرون، لكنّ أكثرهم باردون. يحترمونك لمكانتك و علمك، منهم من يبتسمون لك و منهم من ينظر إليك بامتعاظ، يزعجهم الحجاب الّذي ترتدين. صاح أحدهم في الشّارع مرّة عند رؤيتي "الله أكبر" بلكنة أعجميّة. الله أكبر منّي و منك و من كلّ الكارهين. لم ألتفت حتّى و واصلت سَيْري، منتصبة القامة، أمشي مع السّائرين.
فيهم أيضا الكثير من الطّيّبين. كتلك المرأة الّتي تطوّعت لأخذي بجولة في سيّارتها، و ذلك الّذي أعدّ طعاما حلالا خصّيصا لي، على خلاف الجالسين. و ذلك الّذي شرب عصيرا خلسة كي لا أراه حين كنت صائمة مع المسلمين.
و في الغربة تعلّمت الكثير، ليتك تدرين !
فهمت أنّ هنا كَعِندنا، يوجد الكثير من الجاهلين. جهل و ازدراء للدّين، و تكبّر و علوّ دون دليل أو يقين. منظّمون، متطوّرون، لكنّ أكثرهم باردون. يحترمونك لمكانتك و علمك، منهم من يبتسمون لك و منهم من ينظر إليك بامتعاظ، يزعجهم الحجاب الّذي ترتدين. صاح أحدهم في الشّارع مرّة عند رؤيتي "الله أكبر" بلكنة أعجميّة. الله أكبر منّي و منك و من كلّ الكارهين. لم ألتفت حتّى و واصلت سَيْري، منتصبة القامة، أمشي مع السّائرين.
فيهم أيضا الكثير من الطّيّبين. كتلك المرأة الّتي تطوّعت لأخذي بجولة في سيّارتها، و ذلك الّذي أعدّ طعاما حلالا خصّيصا لي، على خلاف الجالسين. و ذلك الّذي شرب عصيرا خلسة كي لا أراه حين كنت صائمة مع المسلمين.
تعلّمت أن أتفهّم عاداتهم و نمط حياتهم دون أن أحكم عليهم، و دون أن أنخرط معهم في عالمهم الدّفين. تعلّمت أن أمشي رافعة رأسي، مبتسمة، فخورة دون أن أكون من المتكبّرين.
لكن في الغربة اشتقت لأهلي، فأسلّي نفسي قائلة: لعلّ الملائكة تضع أجنحتها حولي، و لعلّ الحيتان تستغفر لي، فاصبري في طلب العلم و كوني من المخلصين. و اعبدي ربّك حتّى يأتيك اليقين.
4 commentaires:
Enregistrer un commentaire