ذكريات من عصر الظلمات ـ 2 ـ




وقفت أمام الباب و دموعها تترقرق، في صمت ... لم تشأ أن يراها أحد في مثل تلك الحالة... غيرت وجهتها كالعادة، و دخلت دورة المياه . 
وجدت فتاة تصفف شعرها، و الأخرى تضع أحمر الشفاه ...
إنتظرتهما حتى انصرفتا كي تفتح حقيبتها مبتسمة :" ذلك المغفل نسي أن يفتشني اليوم ! " ، أخرجت حجابها، غسلت وجهها و غطت رأسها، ثم تسللت إلى فصلها .
كان أستاذها من حسن حظها لا يأبه لشكلها أو لباسها ... جلست تتابع الدرس، إلى أن حان وقت الإستراحة.
 مكثت في مكانها كعادتها فهي لم تكن لتجازف بالخروج من جديد. لحقت بها شريكتها في النضال، كما كانت تسميها، فروت لها ما حدث معها مثل كل مرة .
حاولت مواساتها فأخرجت من حقيبتها إسطوانة  كُتب عليها " أغاني شرقية" .
نظرت إليها باستغراب :
ـ تعرفين أنّ ذلك لا يستهويني ؟!
أجابتها مبتسمة : و من قال لك أن ما كُتب صحيح ؟ ثم همست : إنها حلقات مصورة حول السيرة النبوية تحصلت عليها من صديقة.
أخذتها بامتنان و أخفتها بحرص ...
 بعد انتهاء الحصة الصباحية، ذهبتا معا لتناول الفطور، ثم ... الصلاة ! كانت تلك أشق اللحظات عليها .
كان عليهما أن تتسللا الواحدة تلو الأخرى دون أن يراهما أحد إلى الطابق السفلي، قرب المخبر "المهجور" ... كانت هناك زاوية حيث توضع الطاولات المفككة  و الكراسي البالية .
فرشت أوراقها على الأرضية و شرعت في الصلاة بينما جلست صديقتها تراقب المكان كي تنبهها في حال قدوم شخص ما .كان عليهما أن تصليا بالتناوب و غالبا ... دون اطمئنان .
 مر كل شيء بسلام و انطلقتا من جديد إلى فصلهما .
مرت الساعات ، كانت تتابع بجد، فتنسى كل تلك اللحظات العسيرة
، تفكر في مستقبل مشرق و بلد حر.. فيزيدها ذلك صمودا و عزما و مثابرة .

حان وقت العودة إلى البيت ، توجهت إلى البوابة الخلفية، حيث لا يوجد أحد عادة ، لكن حدث ما كانت تخشاه .. اعترضها القيم العام للكلية، رجل طويل القامة، قوي البنية، حدّق إليها بعينيه الواسعتين فاستشاط غضبا : ألم يتفطن لك أحد و أنت على هذه الهيئة ؟! تعلمين أن الزي الطائفي ممنوع ! كم أكرهكنّ !
نظرت إليه في حيرة و ألم دون أن تنبس ببنت شفة ..
"أتدرين لِم ؟ لأنكن إما أن تزججن بي في السجن أو أن تدخلنني النار ! هيا اغربي عن وجهي ... "
انصرفت باكية، و هي تردد : حسبي الله و نعم الوكيل ...
لقد طفح الكيل!

CONVERSATION

6 commentaires:

  1. أرجو و من كل قلبي أن يكون عصر الظلمات قد ولا حقا، وأن تبقى هذه الآلام مجرد مدونات ... وعبرة لمن يعتبر

    RépondreSupprimer
  2. إن شاء الله :)
    شكرا على مرورك ^^

    RépondreSupprimer
  3. émouvant Lili :) tu compte écrire l'épisode 3?

    RépondreSupprimer
  4. merci Morjena ^^ euuh, à priori non , mais on sait jamais :p

    RépondreSupprimer
  5. السلام عليكم

    برجوليّة تعبر ليلي-تشان ^^
    في الجزء الأوّل و في الجزء هذا زادة =D

    ما تنساش تحكي على النّاس اللّي دافعت عن حقّ المتحجّبات في اختيار هندامهن و ما تنساش خاصّة النّساء الديمقراطيّات xD
    نعرفك تنجّم تزلّقها في القصّة متاعك =p

    في انتظار بقيّة القصّة و نحبّ بقيّة ما نفهم شيّ u_u

    I wish you Godspeed ^^

    RépondreSupprimer
  6. و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
    شكرا أخي تاتاشي، شهادة أعتز بها :)
    ايه ، ما ننكرش جميلهم :P
    تو المرة الجاية إن شاء الله ، نذكرهم بالخير هههه.
    إن شاء الله نحاول نزيد حلقة أخرى :)
    ربي يباركلك :)

    RépondreSupprimer

Back
to top